لقد وصف الحق تبارك وتعالى في القران الكريم ، الشمس والقمر والفرق بينهما ، فقد قال تعالى :
" هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب وما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون "
وقال : "وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجا "
وقال :" وجعلنا سراجاً وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجاجا لنخرج به حباً ونباتا " .
يشير المفسرون إلى وصف القران للشمس بأنها ضياء ، لأن الضوء نور ذاتي ينبعث من الجسم المشع بفعل الحرارة ، ولذلك فإن الإشارة إلى ضوئية الشمس تعني أن الشمس مصدر الضوء من ناحية ومصدر الحرارة من ناحية أخرى ، لأن الضوء مشتمل دائماً على الحرارة ، وهذه معجزة قرآنية .
ثم نلاحظ :
أن حديث القران الكريم عن الشمس يأتي دائما في إطار الحديث عن الحياة والكون ، ولا عجب فهي مصدر الحياة بضوئها الباعث على الحرارة التي تعيش عليها الأرض بما فيها من كائنات ، وأروع درجات التوافقية بين مفهوم العلم عن الشمس كمصدر للحرارة والضوء ، وبين المفاهيم القرآنية تتمثل في قوله تعالى " وجعلنا سراجا وهاجا " ، ومن ثم :
فقد أشارت البحوث العلمية الحديثة إلى أن الشمس لها خاصية تسمى " المتوهجات " والمتوهجة هي منطقة بالجزء الأسفل من الشمس ترتفع حرارتها وأن سبب هذا الإرتفاع يرجع إلى وجود مجالات مغناطيسية تنتج جسيمات سريعة الحركة تصطدم بمادة جو الشمس العادية فتحيل هذه المنطقة من الشمس إلى متوهجات شمسية .
فما أروع إعجاز القران الكريم حين يعبر عن هذه الظاهرة المشروحة في مجلدات بكلمتين إثنتين " سراجاً وهاجا" .
وكما أشارت الدراسات العلمية إلى أنه يوجد في قلب الشمس ما يسمى " فرن نووي " يتخذ من الأيدروجين وقوداً يحرقه وكلما إحترق الوقود ونفذ من قلب الشمس إلى السطح ذهب إلى هذا القلب أيدروجين جديد ينتقل إليه من الطبقات السطحية ، والأيدروجين بالنسبة للشمس هو الزيت والوقود بالنسبة للسراج الوهاج الذي شبه الله به الشمس في قوله : " وجعلنا سراجاً وهاجا " ، وعندما يضاف جسيم الأيدروجين إلى أماكن الأيدروجين يحدث تفاعلات نشيطة منها تتكون نواة تحتوي على بروتين ونيرترون يكونان ما يعرف باسم الهليوم ولولاه لكانت الشمس جسماً هامدة .
وأشار العلم الحديث بشكل واضح إلى دور الشمس في معرفة التوقيت ، فيقول العلماء :
إن التوقيت يدل على حركة الشمس الظاهرية ، فالظهر الشمسي هو عند أي نقطة على سطح الأرض حيث تصل فيها الشمس إلى أقصى إرتفاع لمسارها اليومي الظاهري ، والتوقيت الذي يحسب فيه موقع الشمس من الأرض توقيت محدد وقياسي ، فهو يؤخذ في كل مكان في الكرة الأرضية ، ونظراً لدوران الأرض حول محورها فإن الأماكن التي تقع على نفس خط الطول يكون توقيتها المحلي واحد ، فينطلق الأذان للصلاة في جميع المآذن في وقت واحد مصدقاً لقوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس " .
ومن الجوانب الأخرى في الآية التي نحن بصددها أنها أكدت دور الشفق والغسق في تحديد المواقيت كأثر من أثار الشمس عندما قال تعالى بعد ذلك : " إلى غسق الليل وقران الفجر إن قران الفجر كان مشهودا " ، وإذا أمعنا في كلمة الشفق التي تعني الضوء الخافت الذي يوشك على اللمعان قبل شروق الشمس ، أما الغسق فهو الفترة التي تضيء فيها السماء بعد غروب الشمس وهما ظاهرتان يقف العلماء أمامهما في إنبهار كجانب آخر من جوانب الإعجاز الكوني في القران الكريم .