تعد القراءة من الممارسات الثقافية ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية و الأخلاقية والبيئية.
ولذلك، فإنه من غير المعقول أن نتصور مجتمعا سليما ومتقدما بمعزل عن نسبة قراءة مرتفعة.
القراءة خاصية إنسانية ولكنها غير قابلة للوراثة.
سيتم التطرق إلى القراءة من ناحيتين : القراءة خلال العملية التعليمية التعلمية
والقراءة كممارسة ثقافية فكرية لدى الأستاذ والتلميذ...،
وبعبارة أخرى، القراءة الصفية كنشاط تربوي يوجد فيه الأستاذ الموجه والتلاميذ
في علاقات بينفردية تفاعلية، ثم القراءة اللاصفية خارج المدرسية.
*القـــراءة الصفيـــة *
يمكن تسميتها كذلك القراءة الموازية للتمدرس أو داخل المدرسية.
إن قراءة التلميذ في المرحلة الإعدادية و الثانوية لنص أدبي
ليست هي قراءته لنص تاريخي أو جغرافي أو فلسفي.
والقراءة في هاتين المؤسستين ليست هي القراءة في المدرسة الإبتدائية أو محاربة الأمية.
ففي الحالة الأولى ننزع إلى التفسير أو التأويل. أما في الحالة الثانية فيتم التركيز على فك الخط،
حيث يبدأ المعلم بتلقين المستويات اللغوية البسيطة قبل أن ينتقل إلى المستويات المركبة
ثم الأكثر تركيبا : ( الحروف الهجائية، الكلمات، الجمل، النص ).
في هذا السياق يطلب الأستاذ من التلاميذ قراءة نص أو صورة أو مبيان أو إيقونة،
لكن الهدف هل هو مجرد الملاحظة والوصف، أم التفسير والتأويل؟
وإلى أي حد هم قادرون على فعل هذين أو ذينيك؟ هذه أسئلة تربوية ديداكتيكية بيداغوجية،
تستتبع قضايا إبيستيمولوجية من قبيل العلاقة بين الذات والموضوع
في إنتاج المعرفة أو قراءة الظاهرة المعروضة علينا.
كما تقود جدليا إلى نظرتي التلقي والتواصل في الدراسات اللسانية والتربوية،
الشيء الذي يقود إلى التمييز بين بيداغوجيا الأهداف وبيداغوجيا الكفايات،
رغم أنهما في الغالب متكاملتان.
عموما فإن التلاميذ داخل الفصل الدراسي، وفي وضعية تعليمية تعلمية،
يقرأون انطلاقا من معارفهم السابقة وتمثلاتهم المختلفة، وبالتالي فإن الدلالات والمعاني
تتأسس وتبنى عندما يتلقى القارئ المتلقي بالنص المكتوب.
ونقطة الالتقاء هذه (الموقع الافتراضي عند إيزر Iser ) ، هي نقطة تخص كل قارئ على حدة.
وهكذا تولدت القراءات والدلالات المتعددة للنصوص والخرائط والرسوم والإيقونات والمبيانات ...،
حيث يتكامل التضمين والتعيين والوصف والتفسير،
وتنشأ الأخطاء والانزياحات وفسح المجال أمام الأستاذ لمد جسور معرفية،
وإيجاد علاقات أفقية وعمودية بين أفراد المجموعة وكذلك صراعات سوسيو معرفية
تستغل فيها التفاعلات البينفردية لإغناء الدرس وتقويم الاعوجاجات ونبذ المعارف
غير المنسجمة التي تعد نشازا.
لقد أثبتت الدراسات الميدانية، أن الذين ليست لهم معرفة لا بالبنية الدلالية ولا بالبنية التداولية للغة
وليس لهم وعي لغوي، لايقدرون على قراءة النصوص والخرائط و الرسوم ...
الشيء الذي يبرهن في الغالب تدريس مختلف المواد بضرورة توفر المتعلمين على حد أدنى من اللغة
إن لم نقل حدا أمثل (إن اللغة المقصودة هنا هي اللغة كأداة وليست اللغة لذاتها).
*القــراءة اللاصفيـــة *
هي قراءة تكون خارج المدرسة أو داخلها،
ولكنها فردية تغيب فيها الصراعات السوسيو معرفية على عكس القراءة داخل القسم
وإبان الوضعية التعليمية التعلمية.
لها علاقة وطيدة بمفهوم ثقافة الفرد، والمثقف المقصود هنا هو كل شخص حامل لقدر ما من المعرفة
أدبية كانت أو علمية، أستاذا كان أم طالبا أم تلميذا، طبيبا أم موظفا أو ممارسا لمهنة حرة،
غير أن هذا النشاط أي القراءة اللاصفية يختلف من فرد لآخر حسب نظرته ومفهومه اتجاهه،
واعتماده على عناصر أخرى كالوقت الذي يخصصه له، نوع المقروء والطريقة التي تتم بها...
إن القراءة اللاصفية مرتبطة ومكمل للقراءة الصفية،
لكن تبقى رهينة بالكيفية التي تم بها البناء و التحفيز لأن الأغلبية يبرر عدم القراءة
إلى مسألة التعود و التربية، فكل شيء مرتبط بالتدريب والمحاكاة ...
نتمنى أن تتحمل مسؤولية التحفيز على القراءة كل من الأسرة، والمؤسسة التعليمية و وزارة الثقافة ،
ومختلف الجماعات و جمعيات المجتمع المدني.
موضوع: القراءة واوقاتها 
الأربعاء أغسطس 13, 2008 8:50 am
